لقد وجدت الأوبرا، التي غالباً ما ترتبط بالتقاليد الأوروبية العظيمة، تعبيراً مقنعاً في العالم الناطق بالعربية. الأوبرا باللغة العربية هي اندماج فريد من نوعه بين الأساليب الأوبرالية الغربية والتراث الثقافي واللغوي الغني للعالم العربي. يتميز تطورها بتكييف الأوبرا الكلاسيكية مع اللغة العربية وإنشاء أوبرا أصلية تعكس القصص والموضوعات والتقاليد الموسيقية العربية. في هذه المقالة
عرض النقاط الرئيسية
قُدّمت الأوبرا إلى العالم العربي خلال القرن التاسع عشر، تزامناً مع تزايد الاتصال بين الشرق الأوسط وأوروبة. كان بناء دار الأوبرا الخديوية في القاهرة عام 1869، للاحتفال بافتتاح قناة السويس، لحظة محورية، حيث استضافت أوبرا عايدة لجوزيبي فيردي عام 1871، وهي قطعة مستوحاة من قصة مصرية، على الرغم من كونها تُغنّى بالإيطالية. خلال هذه الفترة، كانت شركات الأوبرا الأوروبية تجوب المدن العربية بشكل متكرر، ما ألهم الفنانين المحليين والجمهور على حدّ سواء.
قراءة مقترحة
بدأت الأوبرا العربية في الظهور في منتصف القرن العشرين عندما بدأ الملحنون في دمج الكلمات والموضوعات العربية في أشكال الأوبرا الغربية. وكانت المحاولات الأولى تتضمن غالبًا ترجمة الأوبرا الأوروبية المعروفة إلى اللغة العربية، ما جعلها في متناول الجماهير. على سبيل المثال، تم أداء أجزاء من الناي السحري لموتسارت ولا ترافياتا لفردي باللغة العربية خلال المراحل التجريبية المبكرة.
وفي النصف الأخير من القرن العشرين، بدأ الملحنون العرب في إنشاء أوبرا أصلية بنصوص عربية، ومزجوا بين مقاييس المقام التقليدية (نظام من الأنماط اللحنية في الموسيقى العربية)، والأوركسترا الغربية. كانت مؤسسات مثل دار الأوبرا بالقاهرة ومسرح بيروت الوطني مفيدة في الترويج للأوبرا العربية، وتكليف أعمال جديدة وتدريب مطربي الأوبرا العرب.
ربما كانت أوبرا الملحن اللبناني وديع صبرا هي أول أوبرا باللغة العربية، حيث عُرضت أوبرا "الملكان" عن نصّ للأب مارون غصن لأول مرة في بيروت عام 1927 ولكنها ضاعت منذ ذلك الحين.
تحكي أوبرا "عنترة" (1948، المستندة إلى حياة عنترة بن شداد) للملحن المصري عزيز الشوان قصة الشاعر والمحارب الجاهلي الأسطوري عنترة وحبه لعبلة، وتدور أوبرا "موت كليوباترا" لمواطنه سيد عوض، المستندة إلى القصيدة الملحمية لأحمد شوقي، حول قصة الملكة المصرية الشهيرة. نذكر أيضًا في مصر أوبرا "حسن البصري" لكامل الرمالي، المستندة إلى حياة حسن البصري. وكذلك افتتحت أوبرا "ميرامار" لأول مرة في القاهرة عام 2005، عن نصّ من تأليف الشاعر سيد حجاب، مستوحى من رواية نجيب محفوظ تحمل الاسم ذاته.
قام الملحن الهولندي ميشيل بورستلاب بكتابة أوبرا "ابن سينا"، المستندة إلى حياة ابن سينا، وعُرضت في قطر عام 2003.
"هي حلم" أوبرا مونودراما عربية بصوت نسائي فقط (غنتها فاديا طنب الحاج)، ألفتها الملحنة اللبنانية جويل خوري عام 2008، وعُرضت لأول مرة في بيروت من قبل الأوركسترا البلجيكية "فرقة شظايا"، كما عُرضت أيضًا في 4 مايو / أيّار 2012، في قصر استرهازي، في مدينة آيزنشتات النمساوية، من قبل فرقة كريمراتا بالتيكا، وفي سويسرا، من قبل فرقة تاج.
في يوليو / تمّوز 2009، أنتجت أوركسترا الشباب التابعة لدانيال بارنبويم في رام الله أوبرا سلطانة قادس (التي أعيدت تسميتها لاحقًا إلى "الأمير العربي")، استنادًا إلى مقطوعة موسيقية من تأليف خوان كريسوستومو أرياجا، ولكن بنصّ جديد من تأليف باولا فونفيك مقتبسًا من قصة خيالية عربية في قصر رام الله الثقافي.
ألف الملحن اللبناني إياد كنعان (1971) أوبرا من ثلاثة فصول بعنوان "قدموس" عن نصّ عربي من تأليف الشاعر سعيد عقل.
ظلت ترجمة الأوبرا الشهيرة مثل كارمن أو دون جيوفاني إلى اللغة العربية طريقة شائعة لتقديم هذا الشكل الفني لجمهور جديد. وغالبًا ما كانت هذه التعديلات تتضمن تغييرات دقيقة تعكس المعايير الثقافية العربية وتقاليد سرد القصص.
قُدّمت أوبرا "عايدة" لفيردي باللغة العربية في عدة مناسبات، وخاصة في مصر التي تتمتع بأهمية ثقافية. تحافظ هذه الإنتاجات على عظمة الأصل مع منحها نكهة محلية فريدة.
دار الأوبرا المصرية – القاهرة
التكيف اللغوي: إن الصوتيات المعقدة للغة العربية، وطبيعتها الشعرية تلائمان الشكل الأوبرالي بشكل جيد. ومع ذلك، فإن ترجمة وكتابة الأوبرا باللغة العربية تتطلب دراسة متأنية لإيقاع اللغة وتدفقها لتتماشى مع الموسيقا.
الاندماج الموسيقي: غالبًا ما تتضمن الأوبرا العربية عناصر من الموسيقا العربية التقليدية، مثل مقاييس المقام، واستخدام الآلات التقليدية مثل العود أو القانون، إلى جانب الأوركسترا الغربية.
التركيز الموضوعي: تُستمد العديد من الأوبرا العربية من التاريخ الإقليمي والفولكلور والأدب. وتتناول موضوعات مثل الحب والبطولة والعدالة الاجتماعية، والتي غالبًا ما تجد صدى لدى الجماهير العربية المعاصرة.
من بين دور الأوبرا العربية الشهيرة: دار الأوبرا الجديدة في القاهرة (1988)، ودار الأوبرا في دمشق (2004)، ودار الأوبرا في قطر (2010)، وأوبرا دبي (2016)، وهي جميعها أماكن فنية متعددة الأغراض. وكذلك في عُمان والمملكة العربية السعودية.
لا يزال التقليد الأوبرالي في البلدان الناطقة بالعربية ناشئًا، وغالبًا ما يواجه صعوبات في التمويل والموارد المحدودة مقارنة بأوروبة. قد تكون موازنة التقنيات الأوبرالية الغربية مع التقاليد الموسيقية العربية عملية معقدة. من جهة أخرى، فإن الاهتمام العالمي المتزايد بالتعبيرات الثقافية المتنوعة فتح الأبواب أمام الأوبرا العربية على المسارح الدولية. كما أن البرامج التعليمية في المعاهد الموسيقية العربية والمؤسسات مثل دار الأوبرا بالقاهرة تعمل على رعاية الجيل القادم من مغني الأوبرا والملحنين العرب.
إن الأوبرا العربية تشكل مثالاً جميلاً للتوليف الثقافي، حيث تلتقي الأشكال الفنية الغربية بثراء التقاليد اللغوية والموسيقية العربية. ورغم أنها لا تزال شكلاً فنياً متخصصاً، إلا أنها تتمتع بالقدرة على النمو وجذب جمهور أوسع، والحفاظ على قصص وتراث العالم العربي في وسيلة عظيمة وعالمية حقاً. ومع تبني المزيد من الفنانين والملحنين لهذا الاندماج، فإن مستقبل الأوبرا العربية يبدو نابضاً بالحياة أكثر من أي وقت مضى.
أشهر وأفضل الأطباق التي يجب أن تجربها في الهند
مغامرات لا تنسى في كوت ديفوار: من الشواطئ إلى الغابات
استمتع بجمال باكو: دليل شامل للمسافرين الجدد
أشهر العادات الفاطمية في مصر حتى اليوم
نصائح الجدة العبقرية: 8 حيل رائعة لتبسيط حياتك وتوفير المال
سحر دوبروفنيك في العصور الوسطى: اكتشاف لؤلؤة البحر الأدرياتيكي
العامل الأكبر الذي يتحكم في أماكن اكتساب الدهون في جسمك
أذكى 15 حيواناً في العالم
المملكة العربية السعودية في مهرجان ذوق باريس 2025: مفترق طرق للتقاليد والابتكار
أشجار ماغنوليا: اختيار مجموعة أشجار ماغنوليا المثالية لحديقتك